Wednesday, November 13, 2013

الدموع .. ضعف أم قوة ؟؟


من منا لم يبكي ؟؟ من منا لم تتساقط دموعه رغما عنه ؟؟ من منا لم يذرف دموعه ويجهش بالبكاء في لحظات في حياته !!

في وفاة أحد الأحباء .. في فراق الأحبة .. في تعرض الإنسان لظلم شديد .. في الفراق نتيجة السفر .. في فرحة هيستيرية من القلب (رؤية شخص بعد سفر طويل ، أو النجاح في الدراسة أو اتمام عمل بنجاح ) .. في  .. و في ... و في ..

لا أستطيع حصر كل المواقف التي يمكن للإنسان أن يبكي فيها .. او تتساقط دموعه رغما عنه .. او حتي تترقرق وتلمع عينيه من الدموع ...

ولكن الذي أستطيع ان أجزم به .. ان الكل بكي من قبل !! الكبير والصغير .. الرجل والمرأة .. الكل بلا استثناء



هناك من يستطيع تمالك نفسه وضبط مشاعره وحالته بما يتناسب مع من حوله ..
لا يحب ان يراه الناس ضعيف .. يري ان الدموع خصصت للنساء للبكاء على الماضي وفقط .. وان المطلوب منه ان يظهر قويا .. لا يتأثر بشيء .. يري ان في ذلك إظهار لقوته و رجولته  التي قد تكون مطلوبة في أوقات كثيرة.

هناك نوعا آخرا .. شديد الحساسية .. عادة ما تري عيناه والدموع بها .. دموع حزن .. دموع فرح .. دموع حب .. دموع خدمة .. دموع صادقة أشد الصدق .. هذا الشخص كثيرا ما يحاول إخفائها ولكنها تزداد أكثر فأكثر .. أشفق على هذا النوع من الناس .. هذا النوع الذي يسمونه "عاطفي" .. وكثيرا ما يلقبه القساة بـ "العيوطة" أو ما شابه .. لا أخفي عليكم احب هذا النوع من الناس و أتعاطف معه كثيرا .. ولكني لا أستطيع نصحه .. هل ما به هو ضعف ام قوة ؟


وبين هاذين النوعين الصادقين .. يقف من بعيد بمكر هذا النوع الثالث الذي أراه يصطنع الدموع التي يطلقون عليها (دموع التماسيح) .. بل وينجح في استحضارها فعلا في أوقات هامة .. في التمثيل علي الآخرين أو في استعطافهم نحوه لجذب مزيد من اهتمام الناس له او للكذب او ............

حقيقة لا أجد مبررا لأحد ان يستخدم انقي وسيلة للتعبير عن صدق المشاعر في الكذب او التمثيل او الاستعطاف او .....

وبينما افكر في تصنيف شخصيتي واين انا من هذه الثلاث أنواع ..

اصطدمت بمخيلتي آية "وبكي يسوع" !!

ثم بدأت في اهتمام شديد ابحث عن بكاء يسوع .. كم مرة حدث ؟؟ ولماذا كانت الأسباب ؟

بعد البحث وصلت إلي ان المسيح بكي ثلاث مرات :
1-     عند قبر لعازر ... "بَكَى يَسُوعُ." ( يوحنا 11 : 35)
2-     عند دخول أورشليم ... "وَفِيمَا هُوَ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبَكَى عَلَيْهَا" ( لوقا 19 : 41)
3-     الثالثة لم تذكر في الأناجيل الأربعة ولكن في رسالة بولس إلي العبرانيين وكانت في بستان جثماني ... "الذي، في أيام جسده ، إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت ، وسمع له من أجل تقواه" (رسالة بولس الرسول إلي العبرانيين 5 : 7 )

وظللت أفكر في كل سبب .. لم يكن من السهل ان يبكي يسوع .. فما الذي حدث في كل موقف
1-     في حالة لعازر قد بكي يسوع الحنان على حال  مريم ومرثا اللتين قالتا "يا سيد ، لو كنت ههنا لم يمت أخي" واللتين كانا تبكيان بغزارة على فراق أخيهما .. كانا يشاركهما المشاعر كقول الإنجيل "انزعج بالروح واضطرب" ولكن لماذا الانزعاج والاضطراب ؟؟ هل كان حزين على فراق لعازر ؟؟ .. كلا ، فالمسيح هو القيامة والحياة ولكنه تأثر لحال الإنسان و كيف ان سلطان الموت كان شديد القسوة على مشاعر الناس .. فالله الحنان الرحيم .. تأثر وبكي لحزننا وعلى حالنا ..



2-     في حالة دخول اورشليم .. بكي يسوع على حال أورشليم المستقبلي .. كان يري مالم يراه أحد .. كان يري خراب أورشليم و تبعه من هدم الهيكل وذبح الكثير من اليهود .. هؤلاء اليهود الذين كانوا بعد قترة قصيرة جدا ينادون بصلبه !! .. هذا هو الله المحب الحنان .. تأثر وبكي على حال اليهود وما ستصير اليه اورشليم .

3-     وفى الحالة الثالثة في بكاء المسيح في بستان جثماني .. بكي المسيح نتيجة الخطية !! فالله القوي كلي القداسة .. صار لعنة وخطية لأجلنا  "لقد صار خطية لأجلنا لنصير نحن بر الإله فيه" (2كو 21:5) .. فلا يمكن ان يكون النور والظلمة مجتمعين في آن واحد .. هكذا الله والخطية لا يمكن ان يجتمعا .. ولكن تحمل يسوع كل هذا من أجلنا نحن الخطاة  فكان يبكي من شدة الألم (آلم انه القدوس صار حامل خطايا العالم كله)

الملخص في كل الحالات.. بكي المسيح من أجل الخطية (كموت للعازر – كخراب لأورشليم – كانه صار خطية)

وبينما أفكر في حالة كل مرة بكي فيها المسيح ، ذهني لم يسعفني لأكمل حالة التخيل :

أردت ان أري وجه يسوع الحقيقي .. وكيف كان يتحول وجه لحظات البكاء ؟؟ هل كان يبكي بصوت مرتفع ؟ هل كانت الدموع تنزل في صمت ؟؟ ومن كان يحن عليه ؟؟
انها أغلي دموع عرفتها التاريخ ...
دموع ابن الله !!

من كان يستقبلها و من كان يطيب بخاطره ؟؟ كيف كان التعامل مع هذه الدموع ؟؟ كل هذا كنت أبحث عنه ...
وفي النهاية لم أصل لشيء !! ...

كل ما عرفته هو ان الله كلي المحبة والحنان على شعبه .. يحس بأناتهم و يفرح بفرحهم ..
"فرحاً مع الفرحين ، وبكاءً مع الباكين" كان المسيح هو أول من طبقها على نفسه

فرحا في عرس قانا الجليل و بكاء في موت لعازر .. !!

لا تخجل من نفسك ومن دموعك أيها الشخص الذي تري نفسك ضعيف !!

فحينما تبكي وتتأثر فقد أصبحت علي صورة ابن الله الذي مات وقام من الأموات !!


فهل ابن الله ضعيف ؟؟