Saturday, February 28, 2015

نعمة الألم (بدون صور) .. مقال ليلي

كل واحد فينا شعر  بالألم والحزن ..

تألمت عندما مات والدي وانا صغير بينما كنت اتخيل انه من المفترض ان يعيش لسنوات طويلة بجانبي كي يراني اتزوج ويحمل احفاده ويراهم وهم يكبرون امام عينيه ..
تألمت أثناء خدمتي .. كنت أري السيدة اللي كنت اقول لها يا "تيته" ومرضها الزهايمر يسلب عقلها .. كنت أراها تموت ببطئ أمام عيني ولا كنت أقوي إلا ان اطيعها في بعض الأحيان .. واضحك في بعض الأحيان الأخري علي عفويتها نتيجة هذا المرض
تألمت علي فقدن أبي مرة اخري .. ابي الروحي .. الذي ليس له بديل ابدا .. لن انسي يوم دخوله الكنيسة وكيف كانت حالتي ..
تألمت بسبب ابني في الخدمة الذي مات بسبب مرض السرطان .. حملته علي يدي ورجلي طوال طريق عودة  طويل وكنت في غاية السعادة لخروجه من المستشفي .. الا ان الله قطع هذه السعادة حتي مضت بضعة أيام واسترد فيها الله وديعته ...
تألمت بألم اصدقائي وهم يفقدون آبائهم وأمهاتهم ... كنت أتألم كمثلهم تماما .. كنت اعيش كل موقف في حياتهم كأنه لي .. اشعر بما يشعرون بالتحديد ..
تألمت لأجل أولادي في الخدمة الذين يموتون كل يوم بسبب الخطية وليس لي قدرة الا علي الحزن والبكاء والألم لما سيعانونه في قادم حياتهم ..
تألمت انا شخصيا في علاقاتي الكثيرة .. العاطفية والغير عاطفية .. نظرا لأني" زي ما بيقولوا حساس شويتين"
تألمت كلما رأيت أناسا تموت .. تألمت كلما سمعت اخبار انفجارات وحروب .. تألمت علي رؤية الشهداء ..
تألمت أكثر وأكثر علي حالي .. اين انا ؟؟ أصالح انا ام مرائي ؟؟ أأدعي الإيمان ام ممثل محترف ؟؟
تألمت علي حالي ... حتي أصبحت محترف حزن حقيقي

اتألم واتسائل .. اين انت من كل هذا ؟؟...
ان كنت تجعلني اتألم لأجل اني انسان فاسد .. لقبلت هذا الأمر في الحال .. فانا شرير واستحق الألم الذي أراه فلا توجد مشكلة !!
لكن الأصعب انك تري اناسا تتألم حولك
تري ملائكة حولك تتألم .. تري كثيرين ممن عندهم أمراض كثيرة أو فقدوا بعض اعضائهم او يعانون من السرطان أوغيره يتألمون ... أهذا عادل يا الله ؟؟ أهذا مريح لك ؟؟

اقاموا مرة استفتاء شارك فيه الكثير من الناس .. كان عنوان الاستفتاء : "لو سنحت لك الفرصة لتسأل الله سؤلا واحدا .. ماذا ستسأل ؟؟" وكان الكثيرين لديهم نفس السؤال "لماذا الألم ؟"

أأنت هو الإله المحب الحنون ؟؟ أأنت فعلا من أمرت الأمطار الا تهطل في جنوب قارة افريقيا حتي مات طفل تحمله امه بين يديها بسبب المجاعات وهي تنظر إلي السماء في نظرات استعطاف لقطرات من المطر؟ .. أأنت فعلا موجود ... واذا كنت موجود اتحبنا فعلا ؟؟ اتريد ان ترانا سعداء ولا نتألم ؟؟

اسمع الكثيرين يقولون ان الألم نعمة .. كيف هذا ؟؟
قريت مرة قصة اسمها "الدب والفخ والصياد وربنا"
(دب كان واقع في فخ .. وكان في صياد مشفق عليه بيحاول يطلعه من الفخ ده .. كل اما يحاول الصياد انه يخرجه من الفخ ... الدب يقوم فاكر ان الراجل ده بيهجم عليه .. فيعاند اكتر .. فما كان من الصياد الا بث مادة مخدرة في جسم الدب .. وتخيل معي شعور الدب وهو يري رجلا يهجم عليه ويبث حقنه فيه و يهيأ له انه يحاول قتله؟؟ لا يعرف ان كل هذا بسبب شفقة الصياد علي الدب)
كثير من الناس يروا ان الله يفعل نفس الشئ احيانا .. ونحن لا نفهم احيانا ماذا يحدث لنا كالدب ..
هل نستطيع ان نثق الآن في الصياد ؟؟ هل نستطيع ان نثق بالله في آلامنا ؟؟

فالله كان قادرا ان يخلق العالم من غير شر و من غير حزن و من غير ألم .. ولكن هذه الأشياء ستجعلنا لا نفرح  ولا نري الخير او نشعر بالسعادة .. فالأشياء تُحس من تضاداتها !!

اهذا الكوب بارد ام ساخن .؟؟ فدائما ما يصاحبه سؤال آخر .. بارد او ساخن بالنسبة لإيه ؟؟

انت عارف كويس جدا ان اكتر شئ وحش حصل في العالم كان هو السبب بأفضل شئ حدث للعالم ؟؟
أتتذكر يسوع المسيح .. كيف ان بموته .. كان قيامة لنا كلنا ؟؟
أتكتفي بالصليب .. ولا تري القيامة ؟؟
تذكر دائما لما بتمر بألم .. انت في منتصف القصة .. فانتظر القيامة !!

أعظم المسيحين في التاريح يقولون : انا معاناتهم قد انتهت بجعلهم أكثر اقترابا إلي الله .. ألا تري الإقتراب من الله شئ جيد ؟؟
إذن فالمعاناة والألم هي أفضل شئ ممكن أن يحدث وليس أسوأ شئ...

فالله يسمح بأشياء معينة عمدا .. فالألم قد يكون عمدا لأفضل قادم
عندما تري اخوك الصغير لا يقدر ان يحل الواجب .. وانت تستطيع ان تساعده ولا تساعده .. ابهذا انت قاسي ؟؟
عندما تري بنتك الصغيرة تؤلم نفسها لمحاولة وضع خيط في ابرة .. حتي انها جرحت اصبعها ونزفت مرتين .. كنت تقدر ان تتدخل وتحل المشكلة ولكنك لم ترد .. فقد جاءت في يوم وهي سعيدة .. نسيت كل الألم عندما استطاعت ان تضع الخيط في الإبرة .. كان الألم جيد جدا لها .. فقد تعلمت !!

كيف يمكن لإنسان ان نصنفه بأنه شجاع ان لم يكن سيواجه الكثير من الصعاب و من ثم نحكم عليه !!

دعنا نأخذ من منظور آخر .. ألعل الألم الذي نشعر به هو انذار من الله علي خطأ فعلناه ..
ألعل هذا الألم هو بداية طريق توبة حقيقية !!

ولك حق الإختيار فمثلا سجينان القيا في السجن لما اقترفاه في حياتهما .. واحد منهما تغير كليا واستفاد من معاناة السجن وتغير للأفضل .. والآخر ازداد سوء ... هذا دليل علي ان الإنسان مخيّر !!

ارجع الي كل ما عانيته في حياتك .. وتأمل فيه من وجهة النظر الأخري ..
لا تسأل كم كان مقدار الألم .. بل ماذا تعلمت من هذه المعاناة !!


واسمح لي الآن ان تحكي لي عن حجم المعاناة التي كانت علي الصليب .. هل كان ألم جسدي شديد .. ام ألم نفسي أقسي ؟؟
هل نستطيع ان نقول انه هناك شخص تألم أكثر من الله المتجسد .. الذي بلا خطية وصار خطية لأجلنا !!
كل ألم نشعر به في حياتنا لا اتحدث عن الجسدي فقط بل اتحدث عن الألم الأخلاقي والنفسي .. شعر الله بجزء منه علي الصليب ..

الأهم والأهم هو كيفية احتمال الألم ؟ .. الإجابة هي (فقد احتمل هو) .. لو اردنا ان نكون مع الله .. فعلينا ان نكون مع المعاناة ومع الصليب
في كل مشكلة عليك ان تشكر الله علي النعمة .. شكرا يارب من اجل هذا الألم البسيط الذي لم افهمه في اوانه ...

اتتذكر بعد كل مرحلة من المعاناة مررت بها في حياتك .. كيف كنت تقول لله ولنفسك .. انا مش فاهم ازاي ربنا عملي الخير ده...  ازاي كان في خير بعد الشر اللي انا كنت شايفه ده .. ربنا فعلا عجيب

لا تنسي انه لكي تعبر الألم عليك ان تقبله وتشعر به .. تقبله كما هو .. وتنتظر التعلم في النهاية ..

حينما تفقد شئ عزيز عليك .. تري الألم شديدا جدا .. جدا .. وعميق لدرجة انك تطلب من الله ان يساعدك علي التنفس ، الأكل ، الشرب ، التصرف الطبيعي والا لأصيبت بالشلل .. بعد فترة تري الله وتشعر به يشكل متزايد .. تشعر بحضوره ونعمته ودفئه وتعزيته وتبدأ جروحك في الشفاء بمنتهي البطء عبر الأيام ..

هذه المواقف هي التي عندما تقصها في خدمتك .. هي اول ما ستُصدق .. واول ما يتم قبوله ..

الأهم والأهم .. ان الله كان أمينا معنا .. أخبرنا بأننا سنتعرض لضيقات ومتاعب ..