Sunday, November 27, 2016

اليوم الثالث في صوم الميلاد 27 نوفمبر 2016

والكلمة صار جسدا وحل فينا

فالكلمة صار جسدا وحل في هيكل جسده الخاص لكي يتمكن بذلك أن يحل فينا نحن أيضا. غير ان هناك فرقا شاسعا بين حلول الكلمة في جسده الخاص وبين حلوله النسبي فينا بواسطة النعمة. 

لذلك يقول القديس كيرلس الكبير: 
فنحن ، إذن ، نؤمن أن الإتحاد الذي تم في المسيح هو الإتحاد الأكمل والأحق. وأما فينا نحن فمع أنه قيل أنه "حل فينا" إلا أن حلوله فينا هو حلول نسبي (أي بالمشاركة والنعمة) لأن فيه (وحده) "يحل كل ملء اللاهوت جسديا"(كو 2 : 9)، أي أن الحلول الكائن فيه هو ليس مجرد حلول نسبي أو بالمشاركة (مثلنا) ... بل هو إتحاد حقيقي بين طبيعته الإلهية اللامحدودة وهيكل جسده المولود من العذراء ...

فحلول اللوغوس في هيكل جسده الخاص هو حلول طبيعي ومطلق، وأما حلوله فينا فهو حلول نسبي وبالنعمة والمشاركة. ولكن على الرغم من هذا الفرق بين هذين النوعين من الحلول كثيرا ما نجد القديس كيرلس يربط بينهما مبينا أن الحلول الأول هو الأساس والوسيلة التي بها يتم الحلول الثاني :

"فالسر الذي حدث في المسيح هو بداية ووسيلة اتحادنا بالله" ( تفسير يوحنا 17 :20 )
"نظرا لأن اللوغوس أخذ جسدا بشريا لذلك صار داخلنا" ( كتاب الكنز في الثالوث 12)
"نحن نقبل داخلنا اللوغوس الذي من الله الآب الذي صار إنسانا من أجلنا وهو اللوغوس الحي والمحيي. ولنبحث الآن كيفية هذا السر ... لقد صار اللوغوس جسدا ... و وُلد بحسب الجسد من امرأة آخذا منها جسده لكي يتحد بنا اتحادا لا يقبل الإنفصال..." ( تفسير لوقا 22 :19)
"حيث ان جسد المخلص صار محييا بسبب اتحاده بذاك الذي هو الحياة بطبعه أي باللوغوس ، لذلك فنحن حينما نأكل هذا الجسد ننال منه الحياة داخلنا لأننا نصير متحدين به بمثل ما هو متحد باللوغوس الساكن فينا" (تفسير يوحنا 6: 54).

أي أن اتحادنا بجسد المسيح هو على مثال اتحاد هذا الجسد الإلهي باللاهوت الساكن فيه !! 

وهكذا نرى في معظم الأقوال السابقة أن القديس كيرلس الكبير يربط بين الإتحاد الأقنومي الذي تم في المسيح وبين حلول اللوغوس فينا ، أي بين شطري الآيه : "والكلمة صار جسدا" ، و "حل فينا" ويبين أن الشطر الأول هو أساس و "وسيلة" تحقيق الثاني وأن الثاني هو "غاية" الأول:


"السر الذي حدث في المسيح هو "وسيلة" اتحادنا بالله" ( تفسير يوحنا 17 :20 )

"إن تجسد الكلمة لم يحدث لأية "غاية" أخرى إلا لكي نغتني نحن أيضا بشركة اللوغوس بواسطة الروح القدس فنستمد منه التبني"


وهكذا تصير العلاقة بين شطري الآية هي علاقة غاية بوسيلة ، أي أن "الكلمة صار جسدا لكل يحل فينا"

"لقد صار اللوغوس جسدا .. لكي يتحد بنا اتحادا لا يقبل الإنفصال"( تفسير لوقا 22 :19)

وهكذا يصير اتحاد اللوغوس بالجسد هو أساس و وسيلة اتحادنا بالله.


صفحة 32 و 33 من كتاب التجسد الإلهي في تعليم القديس كيرلس الكبير للأب متى المسكين

No comments:

Post a Comment