Monday, June 17, 2013

عايز أهلك .. عايز أموت


إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض و "تمُت" فهي تبقى وحدها
إنجيل يوحنا : ( من يحب نفسه يهلكها ، ومن يبغض نفسه في هذا العالم يحفظها إلى حياة أبدية ) "يوحنا 12 :25"
إنجيل مرقص : ( من أراد أن يخلّص نفسه يهلكها ، و من يُهلك نفسه من أجلى ومن أجل الإنجيل فهو يخلّصها ) "مرقص 8 :35"
إنجيل متى : ( من وجد حياته يُضيعها ، ومن أضاع حياته من أجلى يجدها ) "متى 10 : 39"
إنجيل لوقا : ( أذكروا امرأة لوط . من طلب أن يخلّص نفسه يهلكها ، ومن أهلكها يحييها ) "لوقا 17 : 32 ، 33"


فلماذا نهلك أنفسنا ؟؟ أهي شيء ضار لهذه الدرجة ؟؟

النفس موضوعة بين الجسد والروح ، كما يقول مار اسحق ، فهي إما تتحد مع الجسد وتتعاطف معه ضد الروح ، وإما تتحد مع الروح وتتعاطف معه ضد الجسد. وهكذا تكون النفس إما جسدانية و إما روحانية
لأن الكتاب يقول إن "الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد ، وهذان يقاوم أحدهما الآخر حتى تفعلون ما لا تريدون" (غل 5 : 17).

النفس هي القاعدة التي تصدر عنها العواطف والتي تحوي الحياة الجسدية .
الروح هي القاعدة التي تستقبل التأثيرات وتعبّر عنها ، والتي تتصل بالله و تحبه .
الجسد من التراب وإلى التراب يعود ويموت ، لذلك يقول الكتاب إن "اهتمام الجسد هو موت" وأيضا : "إن عشتم حسب الجسد فستموتون" ( رو 8 : 6 ، 13).

نحن مطالبون أن نجعل النفس تنحاز للروح حتى يكون لها حياة  أبدية ، وإلا فإنها تهلك إذا انحازت للجسد ، أي تُحرم من الحياة الأبدية.
الذى يلتصق بالفاني يفنى ، والذى يجمع حوله الفانيات سيفنى معها.

هل الجسد ضار لهذه الدرجة ؟؟ فلماذا خلقنا الله بأجساد ؟؟
الجسد بشهواته وغرائزه مخلوق أصلا على غير فساد ومهيأ ليخضع لقانون الروح وينضبط بالروح دون أن يفقد شيئا قط من شهواته وغرائزه الطبيعية ، بل على العكس : إذا خضع الجسد للروح وانضبط بقيادة الروح ، فإنه يصير جسدا كاملا ومتزنا ، ويُزكّى لحياة أهدأ و أطول و أسعد (حسب الجسد).

ولكن نظرا لأننا نبدأ حياة الروح بالميلاد الجديد كبداية من الصفر ( لحظة رجوع الإنسان لله في توبته الصادقة ) حيث يكون الجسد قد عاش مدة طويلة بدون ضبط وقيادة من الروح ، وتكون شهواته وغرائزه قد خرجت عن مستواها الطبيعي ، وحيث يكون الإنسان قد عايش الخطيئة وقبلها في كيانه كله بل واتحد بها زمنا طويلا ، ( والخطيئة في طبيعتها هي جسدية ونفسانية وتقوم أصلا على تعدى وصايا الله وبغضة أي قانون روحي يحد من حرية تلذذ الجسد وكبرياء النفس) ، لذلك أصبح البدء بالحياة الروحانية بعد الميلاد الجديد بمقتضى قوة العهد الجديد التي هي الروح القدس وتحت قيادته أمرا غير مريح للجسد ، ومكروها لدى النفس التي تكون قد اتحدت مع الجسد وانحازت مع الجسد وانحازت لكل غرائزه وشهواته واستمدت منه كبرياءها وحريتها.

فالجسد والنفس كونا معا كيانا واحدا متحدا هو كيان الإنسان العتيق ، إنسان الخطية والشهوات والغرور والحرية الكاذبة ، حيث تكون فيه النفس هي مركز تفكيره وعمله وحبه وبغضته وحزنه وفرحه وسلامه وخوفه ومجده وحتى عبادته !!!
 ( أصبحت العبادة نفسية "تبعا للمزاج وللنفس " وليست روحية ) ....

1-      فهو يعمل لتُمتدح نفسه ، وإذا لم تُمتدح نفسه يكره العمل.
2-      وهو يحب لأن نفسه نالت رضاها ومسرتها وكرامتها ( من الذى يحبه )، وهو يبغض لأن نفسه لم ترتاح ولم تُكرّم.
3-      يحزن لأن نفسه جرحت وتألمت وفقدت مصدر سرورها وعطفها ، ويفرح لأن نفسه نالت شهوتها ومجدها وملذاتها.
4-      يشعر بالسلام عندما تأمن نفسه للظروف ، و يشعر بالخوف عندما تفقد نفسه أمانها.
5-      يحارب ويفاوض ويسهر ويجتهد لتتمجد نفسه ، ويكسل وينام ويكف عن الجهاد إذا لم يكن وراء ذلك مجد لنفسه .
6-      يعبد ويصلي ويطيل الصلوات ويتقن اللحن والصوت وينشط في أداء الفرض لتظهر نفسه قديسة وعابدة لتنال من الناس كرامة الإله ، ويكف عن العبادة والصوم ويختصر الصلاة ويسرع في التلاوة ، ويكسل عن أداء الفرض ، إذا لم يكن هناك من يسمع ويشاهد ويمدح ويُكرّم تأله النفس "لكى يُمجدوا من الناس .. فقد استوفوا أجرهم" ( مت 6 : 2 ).

لذلك يقف المسيح إزاء هذه النفس الجسدية وقفة حازمة أشد من الحزم وقاطعة أشد من القطع كما ذكر في الأربع آيات الأولى ...
فيطلب أن نهلك هذه النفس أي الإنسان العتيق !!!

ولكن كيف يموت هذا الإنسان العتيق السيء؟؟
وماذا يفعل الله لكي يموت هذا الإنسان العتيق ؟؟ وما هو دورنا ؟؟ و.... و ......
هذا كله سنعرفه في الجزء القادم ........





No comments:

Post a Comment