أما السؤال الذي يتطارحه المتباطئون في الفهم : كيف نبدأ ، فهذا يعلنه
الله في المسيح ، في بيت لحم ، كيف بدأ الله وكيف بدأ
المسيح بصنع الإنسان الجديد والخليقة الجديدة من مغارة مظلمة ، من مذود
للبقر ، من فقر مدقع ، من غربة وتخلي عن كل معونة .
ألا نقرأ في الكتاب المقدس كيف انه لم يكن للعذراء – التي بلغت مخاضها
بعد أن بلغ سفرها اليوم الثالث – مكان ولا في أي منزل؟
ومن هنا يبدأ المسيح مسيرة التجديد وبناء جسم البشرية الكبير ... من
هذا المكان الأقل جدا والمتناهي في التجرد والفقر بدأ المسيح المصالحة العظمى بين
السماء والأرض ، بين قداسة الله الفائقة وعجز الإنسان المطلق!
ولكن وإن كانت المغارة هكذا مظلمة ، وكان المكان هكذا وضيعا ، ولكن
نعلم كيف جلست الملائكة مع جمهور من جند السماء على حافتها الشامخة المنيرة في
السماء ينشدون نشيد المجد لله في عُلاه ، الذي استطاع باتضاعه المذهل هذا أن يرفع
الإنسان إلى علو الله !
وهكذا نرى المسيح كيف استطاع وهو بعد في المهد رضيعا أن يوسع دائرة
ميلاده وشمول تجسده ! انظر كيف جمع إلى نفسه في ساعاته الأولي على الأرض حكماء من
فارس من خارج حدود الأوطان ؟ و جذب إليه الرعاة المساكين
المتبدّين في شتاء فلسطين ليجدوا فيه راحة وعزاء ...
ومنذ ذلك الزمان والمسيح لم يكفّ ، بصور اتضاعه التي تركها منقوشة على
صفحات قلوب محبيه ، عن أن يجذب إليه الألوف والملايين على ممر الأجيال ، ليجمع إلى
جسده الكبير الذي سيقدمه في حينه إلى الله أبيه ....
No comments:
Post a Comment