» فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة
يهوذا «
» ودخلت
بيت زكريا وسلَّمت على أليصابات «
» فلما
سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت أليصابات من الروح
القدس «
» وصرخت
بصوت عظيم وقالت: مباركةٌ أنتِ في النساء ومباركةٌ هي ثمرة بطنكِ «
» فمن أين
لي هذا، أن تأتي أُمُّ ربي إليَّ «
» فهوذا حين صار “صوت سلامك” في أُذُنيَّ ارتكض الجنين بابتهاج
في بطني «
» فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قِبَلِ الرب «
لقد أصاب الملاك
الحقيقة حينما أوحى للعذراء بزيارة أليصابات، فقد كانت العذراء في حاجة شديدة
وملحَّة للغاية أن تبوح بسرِّها لامرأة مثلها حازت نعمة القدير، تحكي لها عن
خبرتها الجديدة التي لم تختبرها عذراء قط. وهذا واضح في سلوك العذراء: » فقامت مريم في تلك الأيام وذهبت بسرعة إلى الجبال إلى مدينة
يهوذا « لم تعدم العذراء الهادئة
المحبوبة رفقة للسفر من أقرباء وأصدقاء، لأن الرحلة خطيرة وشاقة لعذراء وحدها، فهي
لأربعة أيام على أقل تقدير. كان الفرح والبِشْر يملآن قلبها وروحها وهي تطفر على
جبال يهوذا التي ملأها داود أبوها بصولاته وجولاته وأصوات مزماره.
كان يلفُّ العذراء
رزانة القداسة. فالروح يغمر أحشاءها وقوة العليِّ تظللها، لم تكن تدري العذراء
بهذا كله، ولكن هذا كله انكشف لحظة دخولها بيت زكريا الكاهن، فمجد الله لا يُخفى والروح القدس لا يُحجب. فعندما
رنَّ سلامها في أُذن أليصابات، فجأة انتفض الجنين في بطن أليصابات، وفي الحال
انكشف الحجاب عن وعيها وأحسَّت بالروح القدس يملأ كيانها هي، وأدركت أن الجنين في
بطنها إنما يؤدي تحية الفرحة للقائم أمامه في أحشاء العذراء. وهنا صرخت
أليصابات ونطقت بالنبوَّة: » مباركةٌ
أنتِ في النساء (أكثر من كل النساء) ومباركةٌ هي ثمرة بطنكِ « وانفتح وعي أليصابات لترى الرب في أحشاء
العذراء، وفي الحال شعرت بعلو قامة العذراء فدعتها “أم ربي”، وحسبت زيارتها
لها شرفاً لها
وفرحة ملأت كيانها،
وبانسحاق اعترفت بعلو كرامة مريم: » من أين
لي هذا أن تأتي “أم ربي” إليَّ التي هي بعينها “الثيئوطوكوس” ، أي والدة الإله! التي أقرها مجمع
أفسس رسمياً في الكنيسة سنة 431م.
وهكذا برؤيا
نبوية خاطفة، أدركت أليصابات كل ما قيل للعذراء من قِبَلِ الله، فطوَّبتها: «فطوبى
للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قِبَلِ الرب»
وإننا نتعجَّب
إن كانت أليصابات وهي ممتلئة بالروح القدس، ونطقت بالنبوة نطقاً واعياً صاحياً بأن
العذراء هي “أُمُّ ربي” أي والدة الإله - الثيئوطوكوس - وطوَّبتها فوق جميع النساء، فكيف لا تطوِّبها
الكنيسة كلها؟ وكيف تدعوها بغير لقبها كـ “أُم ربي” أي والدة الإله؟ طوباكِ أيتها
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي لم تكف قط عن التسبيح للعذراء الثيئوطوكوس الليل
والنهار وكل الأيام منذ الدهر وإلى نهاية الدهور.
صفحة 14 كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن الله للأب متى المسكين
No comments:
Post a Comment